أثبتت الأسابيع الأخيرة لانتشار فزع كورونا، حاجتنا الماسة للتغيير نحو حداثة الفكر والمنهج.
أولا.. القطاع الصحى
تسطيح القضية، بوصف هذا القطاع بأنه مجرد خدمى، لا يولد موارد؛ وبالتالى يمكن الاقتطاع من مخصصاته، لصالح قطاعات مولدة للدخل.. هو تسطيح خطير ومخل.
ضعف هذا القطاع الذى لا يمس فقط الصحة الجسدية للشعب، بل يمسه بالمثل، فى صحته النفسية وفى انتمائه.. هو إضعاف لقدرة الوطن على التماسك والعطاء عند الملمات.
نفس المراجعة الفكرية تستحقها استراتيچية الدولة تجاه حجم الإنفاق على تعليم أطفال مصر وتدريب شبابها.
وما هو الوطن إلا شعب، وما هى قدرته وتماسكه، إلا بصحة مواطنيه وتعليمهم.
ثانياً.. الثقافة العامة والوعى
نهجت الدولة نهجًا متزايدًا فى السنوات الأخيرة، نحو تسخير قدرات الإعلام الرسمى والخاص على السواء، فى حملة ممنهجة للإرشاد القومي، ترتكز على بعد أوحد أساساً وهو؛ إبراز ما تصدره السلطة، تحت عنوان الإنجازات، دعما لها أمام الجماهير.
سخرت الدولة مراكز الشباب، ليس كمنارات لنشر الوعى العام، الصحى والمجتمعى، بل كمراكز تستعد لإنتاج “شبيبة النظام”.
وما أشبه اليوم بالبارحة.
لم تولى الدولة قطاع الثقافة المجتمعية، أى إهتمام مؤثر، فتخافت وجود منظومة، قصور الثقافة والثقافة الجماهيرية، ومسارح الدولة..
وأصبح العنوان الكبير لجميعها هو… “الخواء”.
ثالثاً.. النظافة المجتمعية
لم تعنِ الدولة بإشكالية تبتلع حياة المجتمع، اسمها “القمامة”.
لم تعنِ الدولة بأهمية النظافة المجتمعية، فى الضمير الجمعى العام و ماينبنى على ذلك من تصرف الأفراد.
لم يعنِ الدولة البعد المرضى للقذارة العامة، وما يستتبعه من إنفاق على العلاج.
لم يعنِ الدولة، إنعكاسات القذارة المتفشية، على السياحة وعلى مظهر الدولة الذى يأخذه الاستثمار الأجنبى فى الإعتبار.
رابعاً.. الانضباط المجتمعى وقاعدة البيانات
وضح تمامًا تحت الضغط فى هذه الأزمة، ضعف سيطرة النظام العام فى المناطق الشعبية من المدن وفى القطاع الريفى.
كما وضح تماما، عدم جاهزية الدولة بقواعد بيانات مدققة، تشمل كل مواطن على أرض مصر. تأخرت بالتالى، قدرة الدولة على توفير الدعم الموجه بدقة لمن يستحقه.
خامسا.. البنية الأساسية لشبكة الإنترنت.
أوضحت هذه الأزمة، كم يحتاج المجتمع للإنفاق المكثف على هذه البنية الأساسية، ليكون قادراً على تجاوز الأزمات، و تقليل الخسائر أثنائها ، وتعظيم المكاسب فيما بعدها.
وضح تماما محورية هذ القطاع فى النهوض بتعليم تلاميذ مصر وطلابها عن بعد.
سادساً.. المواصلات.
أوضحت الأزمة عدم تناسب مقبول، لقدرة الحاملات الأساسية لتحرك الشعب، من مترو العاصمة إلى قطارات المحافظات وماشابه، مع الأعداد المستخدمة من المواطنين.
هذا قطاع محورى، وعدم الإنفاق الكافى الحاسم عليه، يصب فى خانة شلل النشاط عند ضغط الأزمات.
سابعاً.. المجتمع المدنى
يمنع القدر الضخم لاستعداد منظمات المجتمع المدنى للعطاء والقدرة على التحرك السريع والإبداع، أى دولة رشيدة من التضييق عليه وخنقه، بل يحثها على فتح الطريق أمامه واسعاً، للمشاركه الواسعة.
ثامناً.. الثقة والمصداقية
فى أوقات الأزمات، تظهر القيمة الحقيقية للثقة التى تم بنائها بين الشعب وحكومته، والمصداقية التى تم اكتسابها.
فى ظل الضغط، يتبين تماماً أمام أى حكومة رشيدة، تحول مركز الثقل فى تعاملها مع الأزمة، من مجرد ضيق القبضة الأمنية الخانقة، إلى رحابة المجتمع المدنى بنشاطه وثقته فى حكومته.
إن التشارك الديموقراطى المنفتح، فى أجواء الحرية والكرامة، بين المجتمع والسلطة، لهو السبيل الأمثل، نحو التغيير المؤثر والسريع.