انسوا اللقاحات والعلاجات، فالعبقري ترامب لديه علاج مضمون لجائحة “كورونا”!
الرئيس ترامب قال في البيت الأبيض، يوم الإثنين: “إذا توقفنا عن إجراء اختبارات كورونا الآن، سيكون لدينا عدد قليل جدًا من الحالات، إن وجدت”.
بالتأكيد.. وأنا أيضًا إذا توقفت عن وزن نفسي، سوف أكتسب القليل جدًا من الوزن الزائد، إن وجد، ما لا نعرفه لا يمكن أن يؤذينا، وهذا جزء كبير من فلسفة ترامب الحاكمة.
إذا مُنع كتاب جون بولتون من الصدور، فلن يتم الكشف إلا عن أزمات قليلة جدًا، إن وجدت، وإذا توقفت المكاتب الاقتصادية عن إصدار التوقعات الاقتصادية، فإن الاقتصاد لن يواجه سوى مشاكل قليلة جدًا، إن وجدت.
إذا طلبت وزارة العمل التابعة لترامب من الولايات وقف الإعلان عن طلبات إعانات البطالة الخاصة بها، سيكون هناك عدد قليل جدًا من العاطلين عن العمل، إن وجد.
وإذا توقفت الإدارة عن الكشف العلني عن المستفيدين من برنامج “حماية الراتب”، فلن يكون هناك سوى عدد قليل جداً من الحالات، إن وجدت، من الهدر والاحتيال.
أغلقت الإدارة الأمريكية موقع الشفافية open.gov، وآخر يسمى open.whitehouse.gov وكما ذكرت الصحفية جولييت إيلبيرين، فقد أزالت الحكومة حوالي 40,000 مجموعة بيانات من موقع data.gov في الأشهر القليلة الماضية.
أصبحت استراتيجية “دفن الرأس في الرمال” متوطنة في إدارة ترامب خلال هذا الوباء، إذ فصلت ولاية فلوريدا مدير موقعها الإلكتروني لبيانات الفيروسات، بعد أن اعترضت على إزالة السجلات التي تظهر أن الناس يعانون من أعراض أو أن نتائج فحوصاتهم إيجابية، فيما أعادت جورجيا تنظيم بياناتها بطرق جعلت الأمور تبدو أفضل مما كانت عليه، بينما حاولت ولاية أريزونا وقف تشغيل النماذج التي تظهر انتشار الفيروس. وقد منعت إدارة ترامب- لعدة أسابيع- مراكز مكافحة الأمراض والوقاية منها من إصدار الإرشادات التوجيهية لإعادة فتحها.
ومن الواضح أن تفكير ترامب يمضي في هذا الاتجاه:
إذا منعنا التقارير الحكومية والمواقع الإلكترونية من ذكر تغير المناخ، فإن درجة حرارة الأرض سوف ترتفع بمقدار بضع درجات، إن وجدت.
وإذا توقفنا عن نشر بعض المعلومات عن المهاجرين غير الشرعيين الذين تحتجزهم الشرطة، فإن القليل منهم سيحرمون من الإجراءات القانونية الواجبة، إن وجدوا.
وإذا توقفنا عن إصدار سجلات زوار البيت الأبيض، سيكون لدينا عدد قليل من الزوار البغيضين، إن وجد.
إذا توقفنا عن الكشف عن انتهاكات قانون رعاية الحيوان، فلن يتم إيذاء سوى عدد قليل من الحيوانات، إن وجدت.
وإذا توقفنا عن الإعلان عن الغرامات المفروضة على انتهاكات السلامة في مكان العمل، فإن عدداً قليلاً من العمال سيتعرضون للأذى، إن وجد.
وإذا توقفنا عن جمع البيانات عن التمييز في الأجور حسب العرق والجنس، فإن عدداً قليلاً من أرباب العمل سوف يمارسون العنصرية، إن وجد.
ليس هذا فحسب، بل إن الإدارة توقفت بالفعل عن جمع بيانات مختلفة عن كفاءة الطاقة، وانتهاكات قانون العمل، والتمييز في مجال الإقراض، والتمييز في الانضباط المدرسي.
عندما خضعت خطة ترامب للتعامل مع إعصار ماريا في بورتوريكو للتدقيق، حاولت الإدارة الأمريكية إزالة البيانات التي تظهر عدد الأشخاص الذين حرموا من الكهرباء ومياه الشرب، والآن، بعد أن حاولت الإدارة الأمريكية تنفيذ اتفاق سلام في أفغانستان، توقفت الحكومة عن نشر بيانات عن هجمات المتمردين.
وخلال محاولة عزل ترامب الأخيرة، حجب البيت الأبيض وثائق وشهادات شهود من الكونجرس، ثم ادعى أن ترامب لا يمكن إدانته على أساس معلومات غير مباشرة.
وبما أن إمكانات ترامب في هذا المجال لا حدود لها، فإذا توقفت إدارته عن قياس الدين الفيدرالي، هل يمكن أن يتقلص؟ إذا تجاهل ترامب التهديد النووي لكوريا الشمالية، هل يمكن أن ينتهي؟ إذا كان يستطيع منع ما يكفي من الناس من تصديق وسائل الإعلام، هل يمكن أن تختفي الحقيقة نفسها؟
أفلت الرئيس حتى الآن من رفضه الإفصاح عن إقراراته الضريبية، ورفض تقديم بيان كامل لحالته الصحية، وبذلك، إذا تمكن من منع الكونجرس من رؤية الوثائق أو التحدث إلى مستشاريه، ومنع المفتشين من التحقيق مع إدارته، ومنع المبلغين عن المخالفات من تقديم بلاغاتهم، سيكون هناك عدد قليل جدًا من الأشياء التي لا يمكن لترامب أن يفلت منها، إن وجدت.
ثم يأتي الاختبار الأكبر: إذا منعت جهوده لقمع الناخبين عددًا كافيًا من الناس من التصويت، فلن يكون هناك سوى عدد قليل جدًا من الانتخابات، إن وجدت.. إلا أنه قد يخسرها أيضًا.
نقلاً عن “واشنطن بوست” بتصرف
ترجمة: مصطفى إبراهيم