خيارات وحلول.. رؤية قانونية من “حزب المحافظين” حول أزمة السد الإثيوبي

أكد حزب المحافظين أن الاتفاق حول إعلان المبادئ بين جمهورية مصر العربية وجمهورية إثيوبيا الفيدارلية وجمهورية السودان، حول مشروع سد النهضة الإثيوبي، في 23 مارس 2015، يعتبر غير موقع لاستنفاد الغاية منه، وذلك للأسباب الآتية:

أولاً: إخلال أثيوبيا بما نص عليه الاتفاق في البند(10)، وهو مبدأ التسوية السليمة للمنازعات الذي نص على أن تقوم الدول الثلاث بتسوية منازعتهم الناشئة عن تفسير أو تطبيق هذا الاتفاق بالتوافق من خلال مشاوارت، أو التفاوض وفقا لمبدأ حسن النوايا، وإذا لم تنجح الأطراف في حل الخلاف من خلال المشاوارت أو المفاوضات، فيمكن لهم مجتمعين طلب التوفيق، الوساطة، أو إحالة الأمر لعناية رؤساء الدول والحكومات.
ورغم ذلك، رفضت إثيوبيا إدخال الوساطة في حل الخلاف في وجهات النظر حول ملء السد، رغم إعلان مصر الرغبة في الوصول إلى حل للخلاف عن طريق الوساطة أو التحكيم أو التوفيق أو التفاوض.
ثانيًا: مخالفة أثيوبيا في هذا الاتفاق لمبدأ حسن النية، المبطل للاتفاقيات الدولية التى تنص عليها المادة (26) من اتفاقية فيينا لقانون المعاهدات، إذ يجب على أطراف أي معاهدة تنفيذها بحسن نية، كما تنص المادة 2/2 من ميثاق الأمم المتحدة على أن يوفي الأعضاء بالالتزامات التي تعهدوا بها وفقًا للميثاق بحسن نية، ويدلل على ذلك ما ورد في البند (10)، المتعلق برفض الوساطة، فضلاً عن رفض مقترحات تخفف آثار إقامة السد على الحياة في مصر.
ثالثًا: مخالفة إثيوبيا لمبادئ القانون الدولي للاستخدامات المائية في الأغراض غير الملاحية، وأولها مبدأ الالتزام بعدم الضرر، الذي نصت عليه جميع الاتفاقيات الدولية، وكذلك قواعد هلسنكي لعام 1966 ومذكرة التفاهم بين مصر وإثيوبيا عام 1993، والمادة 7 من اتفاقية الامم المتحدة عام 1997، والمادة 5 من اتفاقية عنتيبي عام 2010، وثانيهما مبدأ الإخطار المسبق والتشاور مع الدول المتشاطئة، الذي نصت عليه أيضا قواعد هلسنكي عام 1966، والمادة 8 من اتفاقية الأمم المتحدة للاستخدامات غير الملاحية في الأنهار الدولية عام 1997، وقواعد برلين عام 2004.
وبناء عليه، يمكن الاعتداد بأن الاتفاقيات الدولية التي ارتكزت علي الحقوق التاريخية والطبيعية لمصر في مياه النيل قائمة هي الحاكمة لمشاورتنا، وأهمها اتفاقية 1902 مع إثيوبيا، واتفاقية 1929 بين مصر وإثيوبيا، والتي تقر بحصة مصر المائية وعدم إقامة أي مشروعات يكون من شأنها التأثير على تدفقات نهر النيل، والاتفاقية الثنائية بين مصر والسودان عام 1959 والتي تقدر حصة مصر في مياه نهر النيل بـ 55.5 مليار متر مكعب، كحق أصيل لا يجوز أن يتغير لأي سبب، كبناء سد إثيوبيا، وذلك طبقا للمادة 12 من اتفاقية فيينا لقانون المعاهدات عام 1978، والتي تؤكد عدم تأثر الاتفاقيات ذات الطابع الاقليمي بالتوارث الدولي، مما يبطل ادعاءات دول المنبع بأن هذه الاتفاقيات استعمارية.

وأشار الحزب إلى عدد من التوجهات القانونية المقترحة للتعامل مع الأزمة:

أولا: اللجوء إلى الأمم المتحدة ومنظماتها
أ‌- يحق لمصر تقديم شكوى لمجلس الأمن طبقا للمادة (39) من الفصل السابع من ميثاق مجلس الأمن، المتعلق بما يتخذ من أعمال في حالات تهديد السلم والإخلال به، والمادة 33 من ميثاق الجمعية العامة للأمم المتحدة، وإصدار قرار باعتبار إنشاء سد النهضة عملاً يهدد السلم والأمن الدوليين، واتخاذ إجراءات صارمة لوقف بناء السد.
ب‌- يحق لمصر استصدار قرار من مجلس الأمن لإحالة النزاع إلى المحكمة الجنائية الدولية، وفقًا للمادة 13 فقرة “ب” من النظام الأساسي للمحكمة الجنائية الدولية، الذي يمنح مجلس الأمن الحق في إحالة النزاع إلى المحكمة الجنائية الدولية، باعتبار أن النتائج المترتبة على سد النهضة هي جريمة ضد الإنسان المصري، وتهدد حقه في الحياة.
ج- اللجوء لمحكمة العدل الدولية عن طريق الاختصاص الإفتائي، حيث لا يستلزم الأمر هنا موافقة جميع أطراف النزاع، فيمكن لمصر أن تطلب الرأي الاستشاري للمحكمة في هذا النزاع، ولو جاء لمصلحة مصر فإنه سيشكل ورقة ضغط جديدة ضد إثيوبيا، يمكن استغلالها في التطويق السياسي إقليميًا ودوليًا.
د- مطالبة الدول الأعضاء بالأمم المتحدة بأن تلتزم بالمسئولية القانونية والأخلاقية تجاه التعنت الإثيوبي، وإلزامها بتطبيق أحكام ومبادئ القانون الدولي للأنهار وللاتفاقيات والمعاهدات والمواثيق الدولية، وذلك وفقًا لـ:
– قواعد هلسنكي عام 1966
– مواد اتفاقية الأمم المتحدة عام 1997 ومنها:

– مادة 5 المتعلقة بالاستخدام العادل والمنصف
– مادة 7 المتعلقة بالضرر الجوهري
– مادة 17 التي تنص على وجوب الإخطار المسبق والتشاور في تفاوض مباشر بحسن نية، ويعد مضي الدولة في تنفيذ مشروعها على الرغم من عدم تلقيها موافقة صريحة من الدولة المعترضة، انتهاك لأحكام وقواعد المسئولية الدولية.

ثانيًا: الاتحاد الأفريقي:
أ‌- يحق لمصر التقدم لمجلس السلم والأمن الأفريقي وفقا للمواد (2) و(3) و(4)، والتقدم بشكوى للنظر في أمر السد واتخاذ قرار ملزم بوقف بنائه، لمخالفة إثيوبيا قواعد وأحكام ومبادئ القانون الدولي للأنهار، ومخالفة ميثاق الاتحاد الافريقي.
ب- وفقا للمادة 3 الخاصة بالأهداف والمادة 4 الخاصة بالمبادئ من النظام الأساسي لميثاق الاتحاد الأفريقي ، يتعين على مصر مناشدة جامعة الدول العربية والاتحاد الافريقي للتدخل في أزمة سد النهضة، من منطلق مسئوليتهما عن الحفاظ على السلم والأمن العربي والأفريقي.
ج- اللجوء للمحكمة الأفريقية لحقوق الإنسان والشعوب، برفع دعوى أمامها طبقًا للمادتين الثالثة والخامسة من ميثاق المحكمة، لإصدار حكم أن سد النهضة عمل غير مشروع، مخالف لأحكام ومبادئ القانون الدولي للأنهار، وللاتفاقيات الدولية، ولميثاق الاتحاد الأفريقي.
ثالثًا: جامعة الدول العربية
– وفقًا للمبدأ الأول من ميثاق جامعة الدول العربية، لا يجوز على أي حال الالتجاء للقوة لفض المنازعات بين دولتين من دول الجامعة، ولكل دولة أن تعقد مع دولة أخرى من دول الجامعة أو غيرها اتفاقيات خاصة لا تتعارض مع نصوص هذه الأحكام.
– لا يجوز في أي حال اتباع سياسة خارجية تضر بسياسة جامعة الدول العربية، أو أي دولة منها، ويتوسط المجلس في الخلاف الذي يخشى منه وقوع حرب بين دولتين من دول الجامعة أوغيرها للتوفيق بينهما.

Leave a Reply

Your email address will not be published. Required fields are marked *