خالد سمير يكتب :مصر هبة النيل

أليس لى ملك مصر و هذه الأنهار تجرى من تحتى ؟
هكذا لخص فرعون قواعد الدولة المصرية مؤسسات الدولة (الحكم) والنيل !
لم أتخيل أن يأتى يوم يصبح فيه من يدافع عن شريان الحياة لمصر مخالفا للوطن …. كتبها المصريون القدماء على جدران المعابد حتى لا يضل أبنائهم …. إن المهمة الأولى لجنود مصر هى الحفاظ على سريان النيل و إن عليهم أن ينطلقوا و لا يرجعوا إلا بعد إزالة كل ما يقيد سريانه .
آه و الله …. كتبها جدودنا على الحجر لتظل سرمدية و قاطعة أمام كل من يتكلم عن معالجة مياه الصرف الصحى بدلا من الحفاظ على حق الشعب المصرى فى النيل …. و عن الشرب من البحر ليتهرب من واجبه فى الحفاظ على سبب الحياة فى مصر و هو النيل .
لم أتخيل أن يأتى يوم يضل فيه بعض المصريين فينساق كثير منهم وراء المكايدات السياسية بين الحكام و يفقدوا بوصلة المنطق فتعمى أعينهم عن الواجب الوطنى عن الدفاع عن أرواحهم و بقائهم و مستقبل أولادهم فى ظل التهديدات لسيطرة أثيوبيا على النيل.
تدمع عينى و أنا أقرأ النتائج الكارثية للسد ليس فقط أثناء فترة الملء بل نتيجة فقد مياه النيل بالبخر و الرشح من بحيرة السد الجديد ، مليارات الأمتار المكعبة خصما من حصة مصر ناهيك عن المشروعات الزراعية و شق الترع بل و إقامة سدود أخرى ربما تكون اكبر من السد الحالى بعد الضعف التفاوضي الذى تظهره مصر و الذى نعانيه صامتين مع تجاسر المسئولين الأثيوبيين على انتهاك كرامتنا الوطنية يوميا بإدعائهم أن النيل ملك لهم و أنهم لن يسمحوا لأحد بمجرد نقاش إرادتهم و سيطرتهم عليه و لن تستطيع قوة أن تمنعهم أن يفرضوا إرادتهم.
لم أتخيل أن أعيش لأرى يوما مصر بهذا الضعف خاصة و نحن نعلم أن اثيوبيا لا تفتقر للمياه بل إن النيل يمثل أقل من ٥٪؜ من مواردها المائية ، و أن هناك مائة طريقة لإستغلال مياه الأمطار أو شبكة الأنهار فى أثيوبيا لتحقيق التنمية المزعومة ، بل إن اختيار مكان السد بقرب الحدود يفضح الأهداف الحقيقية و هى التحكم فى مصير مصر.
أعلنها كل حكام مصر السابقين و قادة الجيش المصرى العظام على مر التاريخ أنه لا نقاش فى حق شعب مصر فى الحياة …. لا نقاش فى حق شعب مصر فى النيل و لا أفهم ماذا أصاب الإدارة الحالية لتتبنى هذه السياسة التى أوصلتنا الى هذا الوضع و التى تصل بنا و بالأجيال القادمة إلى الجوع و العطش فالزراعة و الثروة الحيوانية و السمكية ستتضرر بشدة و يفقد الملايين أعمالهم و تبور الملايين من الأفدنة وترتفع أسعار الغذاء و معه كل شئ .
أعطت مصر للتفاوض زمنا اكبر بكثير مما ينبغى و أعطت غطاء لإتمام المشروع و ساعدت بسياسة غير حكيمة على نشأة وزيادة هذا الصلف الأثيوبى ، و بدأت ألسنة تلوك كلاما كاذبا مدمرا يهون تارة من خطورة السد و يهول تارة من نتائج التخلص منه ، ألسنة الثعابين تلك التى تنفث السم فى عقول الشعب هى المتحدث الرسمى بإسم الشريك الظاهر الخفى الذى يسعى إلى إخضاع مصر و الذى تبدوا الإدارة المصرية حتى الآن و كأنها تقدم له كل الدعم و تمنحه كل الفرص و كل الوقت لنيل ما يريد.
سنوات ونحن نوجه النداءات إلى الإدارة المصرية لتغيير تلك السياسة الرخوة و ضرورة وضع حد لهذا التهديد الخطير لكل أشكال الحياة فى وادى النيل و اليوم حان الوقت لنوجه كلامنا إلى الجيش المصرى ….إخواتنا الذى أقسموا على حماية مقدرات الوطن و جعلوا نشيدهم دليلا على مهمتهم المقدسة و رسموا على قلوبهم وجه الوطن نخيلا و نيلا و شعبا أصيلا نوجه إليهم نداء الحق و الواجب نداء كل مصرى مخلص لوطنه بل كل روح خلقها الله على أرض مصر من إنسان و حيوان و طير و نبات …. نداء كل كائن حى على أرض مصر و قد خلق من الماء كل شئ حى. نداؤنا إلى جنود مصر الأبطال أن ينطلقوا فلا يعودوا إلا وقد حرروا النيل مما يقيد سريانه تلك هى وصية أباؤكم و أجدادكم فانهضوا و لبوا نداء الواجب و كونوا على العهد مثل ما كان أباؤكم و لن نقول لكم اذهبوا إنا هاهنا قاعدون بل يقولها كل مصرى مخلص محب لوطنه إذهبوا إنا معكم مقاتلون و من ورائكم ناصرون.

Leave a Reply

Your email address will not be published. Required fields are marked *