ليبرالى

نتبني قيم و مباديء الليبرالية المعتدلة التي تتمحور حول قيمة الفرد وحقوقه والعقد الاجتماعي الرشيد وليس المنفعة او الحريات المطلقة التي تعتدي علي مصالح و حريات الاخرين. نحن نتخذ من الحرية التي ميز الله بها الانسان عقيدة اساسية في الاقتصاد وفي الفكر وفي التعبير من ناحية و من ناحية اخري ننحاز إلي سيادة التعامل بمكارم الاخلاق المستمده من القيم الانسانية العليا آلتي جاءت بها و حثت عليها الاديان و نعمل علي اصدار التشريعات التي تحققها وتطبيقها دون انتقاص او اهتضام للحريات.

تقوم الليبرالية على الإيمان بالنزعة الفردية القائمة على الحرية و التسامح و إحترام كرامة الإنسان و ضمان حقه بالحياة و إعتبار المساواة أساسا للتعاون و منطلقا لإحترام الأفراد وضمان حريتهم و لا يكون هناك أي دور للدولة في العلاقات الإجتماعية أو الأنشطة الإقتصادية او السياسية إلا في حالة الإخلال بمصالح الفرد و المجتمع.

من هذا المنظور نحدد مفهومنا عن الليبرالية المعتدلة علي النحو التالي:

  • حركة وعي اجتماعي سياسي داخل المجتمع، تهدف لتحرير الانسان كفرد وكجماعة من القيود السلطوية الثلاثة (السياسية والاقتصادية والثقافية)، و تتحرك وفق أخلاق وقيم المجتمع الذي يتبناها حيث تتكيف الليبرالية حسب ظروف كل مجتمع، وتتنوع نطبيقاتها من مجتمع إلي أخر.
  • المنطلق الرئيسى في الليبرالية هو أن الفرد هو الأساس، بصفته الكائن الملموس للإنسان، ومن هذا الفرد وحوله تدور فلسفة الحياة برمتها، وتنبع القيم التي تحدد الفكر والسلوك معاً. فالإنسان يخرج إلى هذه الحياة فرداً حراً له الحق في الحياة أولاً. ومن حق الحياة والحرية هذا تنبع بقية الحقوق المرتبطة: حق الاختيار، بمعنى حق الحياة كما يشاء الفرد، لا كما يُشاء له، وحق التعبير عن الذات بمختلف الوسائل، وحق البحث عن معنى الحياة وفق قناعاته لا وفق ما يُملى أو يُفرض عليه.
  • وفي العلاقة بين الليبرالية والأخلاق، فإن الليبرالية لا تأبه لسلوك الفرد طالما أنه لم يخرج عن دائرته الخاصة من الحقوق والحريات، ولكنها صارمة خارج ذلك الإطار. أن تكون متفسخاً أخلاقياً، فهذا شأنك ولكن، أن تؤذي بتفسخك الأخلاقي الآخرين، بأن تثمل وتقود السيارة، أو تعتدي على شخص أخرأو املاكه مثلاً، فذاك لا يعود شأنك بل يصبح شأن المجتمع الذي تعيش فيه و ما يسنه من قوانين.
  • وفي العلاقة بين الليبرالية والدين و التراث، فإن الليبرالية لا تعارض الأديان كما أنها لا تنكر أهمية التراث و دورهما في بناء الوجدان الأنساني و هيكل القيم و الأخلاق العليا للمجتمع، ولكنها ضد أي محاولة لإقحام المؤسسات الدينية أو التراثية  في معادلة السياسية و نظام الحكم و إدارة الدولة، وإنما دورها رعوي، أي أنه مركز على المواطنبن التابعين لها، وبالتالي لا دور لها في الحكم أو إدارة الدولة، فلا مكان للدولة الدينية، و هذا لا ينكر التأثير المتبادل بينهما علي المستويين التنفيذى و التشريعي علي النحو الذي يقره الشعب في العقد الإجتماعي أو الدستور.
  • التسامح هو قيمة محورية في الليبرالية ، حيث أوجب إحترام حرية الآخر وطرق تفكيره وسلوكه وآرائه السياسية و معتقداته الدينية، و التأكيد علي أحقية اعتناق أي فرد لأي دين أو مذهب و حقه في ممارسة شعائره الدينية كحق طبيعي، مع الرفض التام لأي محاولة لاستخدام الوسائل القسرية أو غيرها لإجبار الناس على أي دين أو مذهب، لأن ذلك لن يؤدي إلا إلى مزيد من القهر والعنف داخل المجتمع يما يتعارض مع حرية الفرد و حقه في الإختيار، فالحرية والاختيار هما حجر الزاوية في الفلسفة الليبرالية.

٦. الليبرالية أيضا مذهب سياسي واقتصادي و إجتماعي معاً :

  • ففي السياسة تعني تلك الفلسفة التي تقوم على استقلال الفرد والتزام الحريات الشخصية وحماية الحريات السياسية والمدنية وتأييد النظم الديمقراطية البرلمانية و تكريس سيادة الشعب عن طريق الإقتراع العام و ذلك لتعبير عن إرادة الشعب و التخلص من الفساد في المجتمع و إحترام مبدأ الفصل بين السلطات التشريعية و القضائية و التنفيذية و أن تخضع هذه السلطات للتعديل من أجل ضمان الحريات الفردية و للحد من الإمتيازات الخاصة و رفض ممارسة السيادة خارج المؤسسات لكي تكون هذه المؤسسات معبرة عن إرادة الشعب، تتبني سياسة خارجية تدعم تعزيز الديمقراطية، وحماية حقوق الإنسان، وحيثما أمكن، كما تؤمن بالامركزية في الإدارة المحلية
  • في الإقتصاد يشير مفهوم الليبراليىه إلي فكرة الحرية الإقتصادية عن طريق ترك الحرية للأفراد في تصرفاتهم الإقتصادية، التي تتضمن العمل و الإنتاج و التملك و التجارة دون قيود أو تدخل من قبل الحكومة، كما يري دورا محدودا للحكومة من خلال ارساء القانون و العدالة و منع الإحتكارات مع ضرورة فتح الأسواق أمام المنافسة الخاصة الداخلية و الخارجية إذ ينتج عن عن إهتمام الأفراد بالمصلحة الخاصة منفعة عامة للمجتمع بما يعزز الرخاء الإقتصادي. يلخص المضمون العام لمفهوم الليبرالية الإقتصادية في العبارة الشهيرة “دعه يعمل دعه يمر”  التي عبرت و دافعت عن الملكية الخاصة و المنافسة الكاملة و الحرية الفردية دون قيود أو تدخل من جانب الحكومة و إقرار مستوى معتدل من الضرائب.
  • أهم القيم الإجتماعبة التي تبنتها الليبرالية هي الحق في العمل و الأجر المتكافيء  مقابل العمل المتساوي و الحد الأدني للأجور، و مكافحة العبودية و حق المرأة في الاختيار و المساواة بين الجنسين، و بناء شبكة الأمان الاجتماعي و حقوق العمال وتشجيع العمل النقابي.

كما تعتمد الليبرالية بشكل عام على مجموعة من الأفكار والآراء في البعد الاجتماعي من أهمها برامج مملوكة أو مدعومة من الحكومة للتعليم والرعاية الصحية و رعاية الأطفال وكبار السن و ذلك لجميع المواطنين،  وضرورة وجود الهيئات الرقابية على المؤسسات الخاصة لصالح العاملين والمستهلكين ولضمان المنافسة و الجودة و حماية الحقوق بالإضافة الي أهمية وجود نظام أساسي للضمان الإجتماعي و  الإهتمام بقوانين حماية البيئة والتعددية الثقافية و تبني سياسة اجتماعية لحماية الهوية و صيانة القيم و منع الفساد، مع حماية التعددية الفكرية والثقافية.